12 - 05 - 2025

ملامح | رسالة للإمام علي: الأمان في الغربة وطن

ملامح | رسالة للإمام علي: الأمان في الغربة وطن

قال الإمام علي ــ كرم الله وجهه ــ : "الفقر في الوطن غربة.. والمال في الغربة وطن".

سيدي الإمام، سلام الله عليك

هل تسمح لي أن أخبرك بأن الفقر وحده لم يعد غربة في الوطن؛ بل غياب الأمن والأمان، جراء قتال الأشقاء، وعدوان الأعداء، وسط صمت وتأييد الإخوة في الوطن غربة.. والأمان والمال في الغربة وطن.

ولا يخفى عليك سيدي الإمام، أن بعض السلطات العربية تتآمر على المقاومة العربية المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني، المسلوب من حقوقه، كما تدعم نزع سلاح المقاومة في لبنان؛ لتمكين الاحتلال من إبادتهم، وتسعى لتدمير وتفتيت الدول الشقيقة في العروبة؛ للاستحواذ على ثرواتها.

سيدي الإمام كريم الوجه، فاتني أن أقول لكم أن طوفان الأقصى كشف لنا أن الصهيونية ليست إسرائيلية وأمريكية وأوروبية فقط؛ لكنها باتت عربية أيضًا، وتعرف إعلاميًّا بالإبراهيمية، نسبة لأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم ــ عليه السلام ــ، ويعتزمون تأليف ديانة جديدة بذات الاسم؛ لتوحيد الأديان في دين واحد، وهو الذي كان يدين به نبي الله إبراهيم ــ على حد قولهم ــ علمًا بأن القرآن الكريم قال لنا: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، ونقول لهم بالقرآن ــ لو كانوا يتذكرونه ــ {وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.

سيدي الإمام، من الواضح بعد ما تم في سوريا، أن المخطط القادم للمنطقة هو تولية الأنظمة الإرهابية وقطاع الطرق مقاليد حكم البلاد، ولا نستبعد أن يتم تقسيم ليبيا ــ المقسمة حاليًا ــ إلى ليبيا الغربية بقيادة أحد التنظيمات الإرهابية المتصارعة حاليًا، برعاية تركية وأمريكية وقطرية، وليبيا الشرقية بقيادة اللواء خليفة حفتر برعاية روسية إماراتية.. لكن ما يوقف تنفيذ ذلك المخطط المنافسة الفرنسية الإيطالية البريطانية.. وفي السودان اتهم مجلس السيادة السوداني الحاكم شقيقته الإمارات بدولة عدوان؛ لمساندتها مجموعة "الجنجويد" والمعروفة باسم "قوات الدعم السريع" وهو تشكيل مسلح كان يحرس القوافل عبر الصحراء، وجنده الرئيس السوداني عمر البشير ليعمل كعصا لمواجهة المتظاهرين والمتمردين، وانقلبت تلك المجموعة، التي لا تختلف عن قطاع الطرق على الشرعية؛ طمعًا في الاستحواذ على السلطة، وتكرار تجربة قديمة، سنتحدث عنها معًا في وقت لاحق.  

وأخيرًا.. سيدي الإمام، لقد تم تهجير الشعوب في سوريا، واليمن، وليبيا، والسودان، ومن قبل العراق؛ لغياب الأمن والأمان، لتعرضها للاغتصاب، والقتل، والنهب، فكان عليها البحث عن وطن آمن..

فهل تعلم سيدي الإمام ــ عليك رضوان الله ــ أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفقًا لما تم تسجيله بسجلاتها، منذ العام 2011، اضطر أكثر من 14 مليون سوري للفرار من ديارهم؛ بحثًا عن الأمان، منهم 7.4 مليون نازح داخل سوريا، و6.6 مليون لاجئ في 13 دولة..

بخلاف فرار ما يقرب من 13 مليون سوداني من ديارهم حتى الآن، على مدى عامين، منهم حوالي 4 ملايين عبروا الحدود إلى الدول المجاورة؛ مصر، وجنوب السودان، وتشاد، وليبيا، وإثيوبيا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وأوغندا؛ هربًا من العنف الجنسي الممنهج، والقتل الجماعي، وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان. ويُعدّ السودان الآن البلد الذي يضم أكبر عدد من النازحين كلاجئين في أفريقيا.

وتعد اليمن من أكبر 6 دول في العالم تشهد نزوحًا داخليًّا؛ فقد أدت عشر سنوات من الحرب لتشريد أكثر من 4.5 مليون يمني من ديارهم، ويحتاج 18.2 مليون شخص بشدة للمساعدة الإنسانية.

فيما تمثل ليبيا حالة من النزوح المعقد، حيث يوجد 125,802 من النازحين داخليًّا، بالإضافة إلى نزوح 44 ألف شخص منذ سبتمبر 2023، عندما ضربت العاصفة دانيال شرق ليبيا.      

أما الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه، يسعى الاحتلال وأعوانه الأمريكان والإبراهيميون لتهجيره قسريًّا، ويبحثون، ويمارسون كل ما يرد لشيطان أفكارهم؛ لتنفيذ مخططهم، الذي تقف له مصر (منفردة) بالمرصاد، ليس كرهًا للشعب الفلسطيني؛ بل حرصًا على عروبة فلسطين التي خطط لتهويدها، فمصر تستضيف أكثر من 12 مليون لاجئ من شتى الدول العربية والإفريقية، هل ستبخل على الإخوة الفلسطينيين! علمًا بأن مصر توافد لها عدد كبير من الفلسطينيين مع بدء حرب الإبادة، وقد قدرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية في تقرير لها، في أغسطس 2024، عددهم بأكثر من 100 ألف فلسطيني، من المصابين، والمرضى، وذويهم، إلى جانب الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية وقررت سلطة الاحتلال استبعادهم عن أرضهم واحتضنتهم مصر، في حين تراجعت دول عربية مثل: تونس، والجزائر، وكذلك تركيا عن استقبالهم.. وكان السفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح، قد أكد لوكالة الأنباء الفرنسية في إبريل من العام الماضي، بوصول ذلك الرقم إلى مصر.. فيما أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، أن مصر استقبلت أكثر من 105 ألف فلسطيني، معظمهم من المصابين والمرضى بأمراض مزمنة، حيث يتلقون العلاج في أكثر من 100 مستشفى مصري.

سيدي الإمام ــ كرم الله وجهك ــ، لقد أصبح الفقر وغياب الأمن والأمان في الوطن غربة، والمال والأمان في الغربة وطن.
--------------------------------
بقلم: محمد الضبع


مقالات اخرى للكاتب

ملامح | رسالة للإمام علي: الأمان في الغربة وطن